الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
462- بِفِيهِ مِنْ سارٍ إِلَى القَوْمِ البَرَى. هذا قيل في رجل سَرَى إلى قوم، وخَبَّرهم بما ساءهم، والبرى: الترابُ، ومنه المثل الآخر "بفيه البَرَى، وعليه الدبَرَى، وحمى خَيْبَرى، وشر ما يرى، فإنه خَيْسَرَى" الدبرى: الهزيمة، والخيسرى: الخسار، وأراد أنه ذو خيسرى أي ذو خسار وهلاك، والغرض من قولهم "بفيه البَرى" الخيبة، كما قال: كلانا يا معاذُ نحبُّ لَيْلى * بِفِيّ وفيك من ليلى الترابُ أي كلانا خائب من وصلها. 463- بَلَغَ السِّكِّينُ العَظْمَ. هذا مثل قولهم "بلغ السيلُ الزبى" ومثلهما: 464- بَلَغَ مِنْهُ الْمُخَنَّقُ. وهو الْحَنْجَرَة والْحَلْق: أي بلغ منه الْجَهْدَ. 465- بِحَمْدِ اللّهِ لا ِبَحْمِدَك. هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بَشَّرَها النبي صلى اللّه عليه وسلم بنزول آية الإفْك. يضرب لمن يَمُنُّ بما لا أثر له فيه. والباء في " بحمد اللّه" من صلة الإقرار، أي أقر بأن الحمد في هذا للّه تعالى. 466- بَيْضَةُ العُقْرِ. قيل: إنها بيضة الديك، وإنها مما يُخْتبر به عُذْرَة الجارية، وهي بَيْضَة إلى الطول. يضرب للشيء يكون موة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة فيما يقال، قال بشار بن برد: قد زُرْتِنِي زورةً في الدهر واحدةً * ثَنِّي ولا تَجْعَلِيهَا بيضةَ الديكِ قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيضَةَ الديكِ، فإن كان يعطى شيئاً ثم قطعه قيل للمرة الأخيرة: كانت بيضةَ العُقْرِ، وقال بعضهم: بيضة العقر كقولهم "بَيْض الأنُوق، والأبْلَق العَقُوق" يضرب مثلا لما لا يكون. 467- باقِعَةٌ مِنَ الْبَوَاقِعِ. أي داهية من الدواهي، وأصلُه من البَقَع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبْقَع وَسَنة بَقْعَاء فيها خِصْب وجَدْب، وفي الحديث "بِقْعَانُ الشأم" قيل: أراد سَبْي الروم، لاختلام بياضهم وصفرتهم، فسمى الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولَّى، والباقعة: الداهية نفسها [ص 97] أمر يلصق حتى يُرَى أثره، وقيل: الباقعة طائر حَذِر إذا شرب الماء نظر يَمْنة ويَسْرة. يضرب للرجل فيه دَهَاء ونُكْر. 468- بَيْتُ الأَدِم. يقال: الأدَمُ جمع أدِيم، ويقال: هو الأرض، وقالوا: هو بيت الإسكاف، لأن فيه من كل جلد رقعة. يضرب في اجتماع الأشخاص وافتراق الأخلاق، وينشد: القومُ إخوانٌ وشَتَّى في الشَّيَمْ * وكلهم يَجْمَعُه بيتُ الأدَمْ ويروى "الناس" و "كلهم يجمعهم" على إعادة الكناية (الكناية: أراد ضمير الغائب في "يجمعهم" وكل: لفظة مفرد، ومعناه جمع) إلى معنى كل، و "يجمعه" على إعادتها إلى اللفظ، قالوا: وبيت الأدَم خِباء من أدَم: أي يجمعهم على اختلاف ألوانهم وأخلاقهم خباء واحد، يريد أنهم يرجعون فيها إلى أساس واحد، وكلهم بنو رجل واحد، كما قيل: الأرض من تربة والناس من رجل. 469- بِنْتُ الْجَبَلِ. قالوا: هي صوتٌ يرجع إلى الصائح ولا حقيقة له. يضرب للرجل يكون مع كل واحد: وإنما أنث فقيل "بنت" ذهابا إلى النتيجة: أي أنها تنتج منه، أو إلى الصيحة. 470- بِئْسَ مَقَامُ الشَّيْخِ أَمْرِسْ أمْرِسْ. يقال "مَرَس الحبلُ يَمْرُسُ" إذا وقع في أحد جانبي البكرة، فإذا أعَدْته إلى مجراه قلت "أمْرَسْتُه" وتقدير الكلام: بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال له فيه أمرس، وهو أن يعجز عن الاستقاء لضعفه. يضرب لمن يحوجه الأمر إلى ما لا طاقة له به، أو يربأ به عنه. 471- باتَ بِلَيْلَةِ أنْقَدَ. وهو القُنْفُذ، معرفة لا تدخله الألف واللام. يضرب لمن سَهِرَ ليلَه أجمعَ. 472- بَرْضٌ مِنْ عِدٍّ. البَرْضُ: القليل، والعِدُّ: الماء له مادة أي قليلٌ من كثير. 473- بَيْضَةُ البَلَدِ. البَلَد: أُدْحِيّ النَّعام، والنعامُ تترك بيضها يضرب لمن لا يُعْبأ به. ويجوز أن يراد به المدح، أي هو واحد البلد الذي يُجْتمع إليه ويُقْبل قوله، وأنشد [ص 98] ثعلب لآمرأة ترثي عمرو بن ودّ حين قتله علي رضي الله عنه. لو كان قاتلُ عمرٍو غيرَ قاتِلِه * بَكَيْتُه ما أقام الروحُ في جَسَدِي لكنَّ قاتله مَنْ لا يُعَاب به * وكان يُدْعى قديما بيضَةَ البلدِ 474- بَرِئ حَيٌّ مِنْ مَيِّتٍ. يضرب عند المفارقة، ومثله قول الخفير "إذا بلغتُ بك مكانَ كذا (بَرِئْتُ)". 475- بَرِئَتْ قَائِبَةٌ مِنْ قُوبٍ. (هذا المثل من تتمة كلام الخفير الذي ذكره في آخر المثل السابق) فالقائية: البيضة، والقُوب: الفرخ، يعني لا عهدة عليّ، قال أبو الهيثم: القابة الفرخ، والقوبة البيضة، يقال: تَقَوّبَتِ القابةُ عن قُوبها، قلت: أصل القوب الشق والحفر، يقال: قُبْتُ الأرضَ إذا حفرتها، فمن جعل القائبة البيضة جعل الفعل لها، يعني أنها شَقَّتْ عن الفرخ، وجعل القُوبَ مفعولا، ومن جعل القابةَ الفرخَ عَنَى أنه الذي قاب البيضَةَ فخرج منها، وحذف الياء من القابة كما حذفت من الحاجة، والقوبة على كلا القولين فعْلَة بمعنى مفعولة كالغُرْفَة من الماء والقبضة من الشيء وأشباههما. 476- بَالَ حِمَارٌ فاسْتَبَالَ أَحْمِرَةً. أي حَمَلَهن على البول. يضرب في تعاون القوم على ما تكهرهه. 477- بِئْسَ العِوَضُ مِنْ جَمَلٍ قَيْدُهُ. وذلك أن راعياً أهلك جملا لمولاه، ثم أتاه بقَيْده، فقال: بئس العوض - إلخ. 478- بِئْسَ الرِّدْفُ لاَ بَعْدَ نَعَمْ. الرِّدْفُ: الرَّديف، أنشد ابن الأعرابي لا تُتْبِعَنَّ نَعَمْ لا طائعا أبداً * فإن لا أفْسَدَتْ من بعد ما نَعَمٍ إن قلت يوماً نَعَمْ بَدْأ فتمَّ بها * فإن إمضاءها صِنْفٌ من الكَرَمِ قال المهلب بن أبي صُفْرة لابنه عبد الملك: يا بني إنما كانت وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عامَّتُهَا عِدَاتٌ أنفْذَهَا أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، فلا تبدأ بنعم فإن مَوْرِدها سَهْل، ومَصْدَرها وَعْر، واعلم أن وإن قَبُحت فربما رَوّحت، وما قدرت فلا توجب الطمع، وقال سَمُرة بن جُنْدب: لأن أقولَ للشيء أفعله ثم يبدو لي فأفعله أحبُّ إلي من أن أقول أفعله ثم أفعله، قال المثقَّبُ: حَسَنٌ قولُ نَعَمْ من بعد لاَ * وقَبِيحٌ قولُ لا بعد نَعَمْ [ص 99] إنَّ لا بعد نَعَمْ فاحشَةٌ * فَبِلا فابدأ إذا خِفْتَ النَّدَمْ وإذا قلت نَعَمْ فاصْبِرْ لها * بنَجَاح الوَعْدِ إن الْخُلْفَ ذَمّْ 479- بَطْنِي عَطِّري وَسَائِرِي ذَرِي. قاله رجل جائع نزل بقوم فأمروا الجاريةَ بتطييبه، فقال هذا القول. يضرب لمن يؤمر بالأهم. 480- بُغِيتُ لَكَ وَوُجِدْتَ لي. يضرب للمؤتلفين المتوافقين. 481- بَقْلُ شَهْرٍ، وَشَوْكُ دَهْرٍ. يضرب لمن يقصر خيره ويَطُول شره. 482- بِمَا تَجُوعِينَ وَيَعْرَى حِرُكِ. يضرب لمن يَغْنَى بعد فقر، ثم يفخر بغناه، فيقال له هذا القول: أي هذا الغنى بدلُ جوعِك وعُرْيك قبلُ. 483- بَرْقٌ لَوْ كانَ لَهُ مَطَرٌ. يضرب لمن له رُوَاء ولا معنى وراءه. 484- بَقِّطِيهِ بِطِبِّكِ. التَّبْقِيط: التفريق، والبَقَطُ: ما سقط وتفرق من التمر عند الصِّرام، وأصلُ المثل أن رجلا أتى عشيقَته في بيتها، فأخذه بطنُه فأحدث في البيت، ثم قال لها: بقِّطيه بطِبِّكِ أي بحِذْقك وعلمك، أي فرقيه لئلا يُفْطَن له. يضرب لمن يؤمر بإحكام أمرٍ بعلمه ومعرفته. 485- بَيْنَ الْحُذَيَّا والْخُلْسَةِ. الحُذَيَّا: العطية، وكذلك الحَذِيَّة، وكان ابنُ سيرين إذا عرض عليه رؤيا حسنة قال: الحُذَيَّا، والحُذَيَّا، يعني هاتِ العطية أعَبِّرْهَا لك، والْخُلْسَة: اسم المختَلَسِ. يضرب لمن يستخرج منه عطاء برفق وتأنق في ذلك كأنه يقول: تَحْذُونِي أو أختلس. 486- بَالَ فَادِرٌ فَبَالَ جَفْرُهُ. الفادر: الموَعِلُ المسِنُّ، وجَفْره: ولده، ويقال لولد المعز أيضاً جَفْر، وذلك إذا قوِيَ وبلغ أربعة أشهر. يضرب للولد يَنْسِج على مِنْوَال أبيه. 487- بِمِثلي تُطْرَدُ الأوَابِدُ. أصلُ الأوابد الوَحْش، ثم استعيرت في غيرها، ومنه قول الناس "أتى فلان في كلامه بأبِدَةًٍ" أي بكلمة وَحْشية، وتأبَّدَ المكان: توحش . ومعنى المثل: بمثلي تطلب الحاجات الممتنعة. 488- بَلْدَة يَتَنَادَى أَصْرَمَاهَا. يقال للذئب والغراب، الأصْرَمان، قال ابن السِّكِّيت: لأنهما انصَرَما من [ص 100] الناس: أي انقطعا، وأنشد للمرار: على صَرْمَاء فيها أصْرمَاهَا * وخِرِّيتُ الفَلاَةِ بها مليل والصَّرْمَاء: المَفَازة التي لا ماء فيها. ضرب لمن أخلاقه تنادي عليه بالشر. 489- بَكَّرَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ. شَبْوة: اسم للعقرب لا تدخلها الألف واللام مثل مَحْوَة للشمال (في القاموس أن محوة اسم للدبور) وخُضَارة للبحر. وتزبئر: تنتفش. يضرب لمن يتشمر للشر، أنشد ابن الأعرابيّ: قَدْ بَكَّرَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِرُّ * تَكْسُو اسْتَهَا لَحْماً وَتَقْمَطِرُّ 490- بَقِيَ أَشَدُّهُ. ويروى "بقى شدُه" قيل: كان من شأن هذا المَثَل أنه كان في الزمان الأول هِرّ أَفْنَى الجِرْذَانَ وشَرَّدها، فاجتمع ما بقي منها فقالت: هل من حيلة نحتال بها لهذا الهر لعلنا ننجو منه ؟ فاجتمع رأيُهَا على أن تعلق في رقبته جُلْجُلا إذا تحرَّك لها سمعن صوت الجُلْجُل فأخَذْنَ حَذَرهن، فجئن بالجُلْجُل، فقال بعضهن: أينا يُعَلِّق الآن، فقال الآخر: بقي أشَدُه أو قال شَدُّه. يضرب عند الأمر يبقى أصعبه وأهوله. وهذا مما تمثل به العرب عن ألسُنِ البهائم. 491- باتَ هذَا الأعْرَابِيُّ مَقْرُوراً. يضرب لمن يَهْزأ بمن هو دونه في الجاجة، كمن بات دَفيئا وغيرُهُ مَقْرور، يقال: أقَرَّهُ اللّهُ فهو مَقْرُور على غير قياس. وقريب من هذا المثل قولهم "هَانَ عَلَى الأمْلَسِ ما لاقَى الدَّبِرُ". 492- بُعْدُ الدَّارِ كَبُعْدِ النَّسَبِ. أي إذا غاب عنك قريبُكَ فلم يَنْفَعْكَ فهو كمن لا نَسَبَ بينك وبينه. 493- بَلَغَ مِنْهُ المُخَنَّقَ. يضرب لمن يُحْمل عليه حتى يبلغ منتهاه. 494- بِعَيْنٍ ما أَرَيَنَّكَ. أي اعمل كأنِّي أنظر إليك. يضرب في الحث على ترك البُطْء. و "ما" صلة دخلت للتأكيد ولأجلها دخلت النون في الفعل، ومثله: ومن عَضَةٍ ما ينبتَنَّ شَكِيرُهَا* 495- بِالرَّفَاءِ والبَنِينَ. قال أبو عبيد: الرِّفاء الالتحام والاتفاق، من رَفَيْتُ الثوب، قالوا: ويجوز أن يكون من رَفَوْته إذا سكنته، قال أبو خراش الهُذَلي: رَفَوْنِي وَقَالُوا: يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ * فقلْتُ وأنكَرْتُ الوجوهَ: هُمُ هُمُ [ص 101] وَهَنَّأ بعضهم متزوجا فقال: بالرفاء والثبات، والبنين لا البنات، ويروى "بالنبات والثبات". 496- ابْنُكَ ابْنُ بُوحِكَ. يقال: البُوحُ النفس، فإن صح هذا فيجوز كسر الكافين وفتحهما، ويقال: البوح الذكرَ، فعلى هذا لا يجوز الكسر، يقال: ابنُكَ ابن بُوحِك، يشرب من صَبُوحك، يعني ابنك من ولدته لا من تبنَّيْتَهُ، وقيل: البُوحُ اسم من بَاحَ بالشيء إذا أظهره، أي ابنُك مَنْ بُحْت بكونه ولداً لك، وذلك أن بعض العرب كانوا يأتُونَ النساء فإذا وُلد لأحدهم ألحقته المرأة بمن شاءت، فربما ادَّعاه وربما أنكره، لأنها كانت لا تمتنع ممن ينتابها، فالمعنى ابنك من بُحْتَ به أنت وباحت به أمه بموافقتك، ويقال: البوح جمع باحة، أي ابنُكَ من ولد في فِنائك، ومثل البُوح في الجمع نُوق وسُوح ولُوب في جمع ناقَة وسَاحَة ولاَبة. 497- بِنْتُ بَرْحٍ. للشر والشدة، يقال: لقيتُ منه بناتِ بَرْحٍ، وبني بَرْحٍ، أي شدةً وأذىً، وبَرَّحَ بي هذا الأمرُ إذا غلظ واشتد. يضرب للأمر يُسْتَفْظع. 498- بَحَازِجُ الأرْوَى. جمع بَحْزجٍ، وهو ولد البقرة الوحشية وغيرها يضرب لما لا يُرَى إلا فَلْتة. 499- بَرِّزْ نَارَكَ وَإِنْ هَزَلْتَ فارَكَ. الفار ههنا: عَضَلُ العَضُدَين تشبيها بالفار كما تشبه به أيضاً فارة المسك لانتفاخها. يقول: آثِرِ الضيفَ بما عندك وإن نَهَكْتَ جِسْمَك. 500- بَدتْ جَنَادِعُهُ. يقال: الجَنَادع دَوَابّ كأنها الجَنَادب تكون في جُحْر الضبّ، فإذا كاد ينتهي الحافر إلى الضبّ بَدَت الجنادعُ فيقال: قد بدت جَنَادعهُ، واللّه جَادِعهُ، قالوا: والجُنْدُع أسود له قرنان في رأسه طويلان. يضرب مثلا لما يَبْدُو من أوائل الشرّ. 501- بَاتَتْ بِلَيْلةِ حُرَّةٍ. العرب تسمي الليلة تُفْتَرَع فيها المرأة ليلة شيباء، وتسمى الليلة التي لا يقدر الزوج فيها على افتضاضها ليلة حرة، فيقال: باتَتْ فلانةُ بليلة حرة، إذا لم يغلبها الزوج، وباتت بليلة شيباء، إذا غلبها فافتضَّها. يضربان للغالب والمغلوب. 502- بِرِئْتُ مِنْهُ مَطَرَ السَّماءِ. أي برئت من هذا الأمر ما كانت السماء تمطر، أي أبَداً. [ص 102] 503- بِسِلاَحٍ مَّا يُقْتَلَنَّ القَتِيلُ. قاله عمرو بن هند حين بلَغه قتل عمرو ابن مامة، فغزا مُرَادا وهو قَتَلَة عمرو، فظفر بهم، وقتل منهم فأكثر، فأتى بابن الجعيد سلما، فلما رآه أمَرَ (به) فضُرب بالغِمْد حتى مات، فقال عمرو: بسلاح مَّا يقتلَنَّ القتيلُ فأرسلها مثلا.يضرب في مكافأة الشر بالشر. يعني يقتل مَنْ يُقْتل بأيّ سلاح كان، وقوله "يقتلن" دخلته النونُ لمكان "ما" وهي مؤكدة، ويجوز أن يكون أراد بسلاح ما يقتلن قاتل القتيل، فحذف، ويجوز أن يريد ابن الجعيد الذي قتل بين يديه، فتكون الألف واللام للعهد. 504- ابْدَأهُمْ بِالصُّرَاخِ يَفِرُّوا. قال أبو عبيد: هذا مثل قد ابتذلته العامة، وله أصل، وذلك أن يكون الرجل قد أساء إلى الرجل فيتخوَّفُ لائمةَ صاحبه فيبدؤه بالشكاية والتنجي ليرضى منه الآخر بالسكوت. يضرب للظالم يتظلّم ليسكت عنه. 505- أَبْدَئِيِهنَّ بِعفَالِ سُبِيتِ (انظر لسان العرب (ع ف ل)) أي ابدئيهن بقولك "عفال" قال المفضَّل: سبب هذا المثل أن سَعْد بن زَيْد مَنَاة كان تزوج رُهْمَ بنت الخزرج بن تَيْم الله بن رُفَيْدة بن كلب بن وَبَرَةَ، وكانت من أجمل النساء، فولدت له مالك بن سعد، وكانت ضرائرها إذا سابَبْنَهَا يقلن لها: يا عَفْلاء، فقالت لها أمها: إذا سابَبْنَكِ فابدئيهن بعَفَال سُبيتِ، فأرسلتها مثلا، فسابتها بعد ذلك امرأة من ضرائرها، فقالت لها رُهْم: يا عَفْلاَء، فقالت ضرتها: رمَتْنِي بدائها وانْسَلَّتْ. وعَفَالِ: يجوز أن يكون كخَبَاثِ ودَفَارِ، ويجوز أن يكون أرادت عَفِّلِيهَا أي انْسُبيها إلى العَفَلَة، وهي القَرَن الذي اختصم فيه إلى شُرَيح في جارية بها قَرَن، فقال أقْعِدُوها فإن أصابَ الأرضَ فهو عيب، وإن لم يصب الأرضَ فليس بعيب، فجعلت عَفَالِ أمْراً كما يقال: دَرَاكِ بمعنى أدْرِكْ، ويجوز أن يُنَوّن ويجعل مصدرا كالسَّرَاح بمعنى التَّسْريح والسَّلاَم بمعنى التسليم، وقولها "سُبِيتِ" دعاء عليها بالسَّبْي على عادة العرب، وبنو مالك بن سعد رَهْطُ العجاج كان يقال لهم بنو العفيلَى. 506- بَعْدَ الهِيَاطِ والمِيَاطِ. قال يونس بن حبيب: الهِياط الصِّياح، والمِياط الدفع، أي بعد شِدَّةٍ وأذًى، ويروى [ص 103] بعد الهَيْط والمَيْط، قال أبو الهيثم: الهيط القَصْد، والميط الْجَوْر، أي بعد الشدة الشديدة، قال: ومنهم من يجعله من الصياح والجلَبَة. 507- أَبْدَي الصَّرِيحُ عَنِ الرَّغْوَةِ. أبدي: لازم ومتعد، يقال: أبدَيْتَ في منطقك، أي جُرْت، فعلى هذا يكون المعنى بدا الصريحُ عن الرِّغْوَة، وإن جعلته متعديا فالمفعول محذوف، أي أبْدَى الصريح نفسَه. وهذا المثل لعبيد الله بن زياد، قاله لهانئ بن عُرْوة المرَادي، وكان مسلم بن عَقيل بن أبي طالب رحمه الله قد استخفى عنده أيام بعثه الحسين بن علي رضوان الله عليهما، فلما عرف مكانه عبيدُ الله أرسل إلى هانئ فسأله، فكتمه، فتوعده وخوّفه فقال هانئ: هو عندي، فعندها قال عبيد الله: أبدى الصريحُ عن الرِّغْوة، أي وضَحَ الأمر وباَنَ، قال نضلة: ألم تَسلِ الفوارس يوم غول * بنَضْلَةَ وهو موتور مُشِيحُ رأوه فازدَرَوْهُ وَهْو حُرٌ * وينفع أهلَه الرجلُ القَبيحُ ولم يَخْشَوا مَصَالَتَهُ عليهم * وتحت الرَّغْوَة اللبَنُ الصَّرِيحُ المَصَالة: الصَّوْل، ومعنى البيت رأوني فازدروني لدَمَامتي، فلما كَشفوا عني وجدوا غير ما رأوا ظاهرا. يضرب عند انكشاف الأمر وظهوره. 508- أَبَرَماً قَرُوناً. البَرَمُ: الذي لا يدخل مع القوم في الميسر لبُخْله، والقَرُون: الذي يَقْرِن بين الشيئين. وأصله أن رجلا كان لا يدخل في الميسر لبخله، ولا يشتري اللحم، فجاء إلى امرأته وبين يديها لحم تأكله، فأقبل يأكُلُ معها بَضْعَتين بضعتين ويَقْرِن بينهما، فقالت امرأته: أبَرَماً قَرُوناً، أي أراك بَرَما وقَرُونا. يضرب لمن يجمع بين خصلتين مكروهتين. قال عمرو بن معدي كرب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكو قوما نزل بهم: أبرَامٌ يا أمير المؤمنين، قال: وكيف ذاك ؟ قال: نزلتُ بهم فما قَرَوْني غيرَ ثور وقَوْس وكَعْب، فقال عمر: إن في ذلك لشِبَعاً. الثور: قطعة من الأقِطِ، والقوس: بقية التمر يبقى في الجِلَّة، والكعب: قطعة من السمن، أراد عمرو أنهم لم يذبحوا لي حين نزلتُ بهم. [ص 104] 509- بِعْتُ جَارِي وَلَمْ أَبِعْ دَارِي. أي كنت راغبا في الدار، إلا أن جاري أساء جواري فبعت الدار. قال الصقعب بن عمرو النهدي حين سأله النعمان ما الدَّاء العَيَاء، قال: جارُ السوء الذي إن قاولته بَهَتَكَ، وإن غبت عنه سَبَعَكَ (سبعك: اغتابك). 510- أَبادَ اللّهُ خَضْرَاءَهُمْ. قال الأصمعي: معناه أذهب اله نعمتَهم وخِصْبَهم، ومنهم من يقول: أباد الله غضراءهم، أي خَيْرَهم وخِصْبهم، وقال بعضهم: أي بهجَتَهم وحُسْنهم، وهو مأخوذ من الغَضَارة وهي البهجة والحسن، قال الشاعر: احْثُوا التُّرابَ على مَحَاسِنِهِ * وعلى غَضَارة وَجْهِهِ النَّضْرِ 511- بَرَزَ الصَّرِيحُ بِجانِبِ المتْنِ. يضرب في جَلِيَّةِ الأمر إذا ظهرت . والمتن: ما استوى من الأرض. 512- بَقْبَقة في زَقْزَقَةٍ. البقبقة: الصَّخَب، والزقزقة: الضحك. يضرب للنفَّاجِ الذي يأتي بالباطل. 513- بِحَسْبِهَا أَنْ تَمْتَذِقَ رِعاؤها. امْتَذَق: إذا شرب مَذْقَة من لبن، يقال هذا في الإبل المحَاَريد، وهي التي قَلَّت ألبانُها. يضرب للرجل يُطْلَبُ منه النصر أو العُرْف. أي حَسْبه أن يقوم بأمر نفسه. 514- بِسَالِمٍ كانَتِ الوَقْعَةُ. سالم: اسم رجل أخذ وعوقب ظلما. يضرب في نجاة المستحق للوقعة وأخْذِ من لا يستحقها ظلما. 515- بَقِيَتْ مِنْ مَالِهِ عَنَاصٍ. العناصى: جمع عَنْصُوَة، وهي البقية من السيء. يضرب لمن بقي من ماله بقية تنجيه من شدائد الدهر. 516- بِتْ عَلَى كَعْبِ حَذَرٍ قَدْ سُئِلَ بِكَ. يضرب لمن عُمِلَ في هلاكه وهو غافل، أي كُنْ على حذر. 517- بَرَّزَ عُمانٌ فَلاَ تُمارِ. عُمَان: اسم رجل بَرّزَ على أقرانه بكرمه وخلقه، أي قد ظهرت شمائلُه فلا تُمَار فيه. يضرب لمن أنكر شيئا ظاهرا جدا. 518- بِمِثْلِي يُنْكَأ القَرْحُ. أي بمثلي يُدَاوَى الشر والحرب. [ص 105] قال الشاعر: لزاز حُرُوبٍ يَنْكأ القرحَ مِثْلُه * يُمَارسُها تَارًا وتَارًا يُضَاِرُس. 519- بَيْنَهُما بَطحَة الإنْسَانِ. أي قَدْرُ طولِهِ على الأرض. يضرب في القُرْب بين الشيئين. 520- بَيْنَ المُطِيعِ وَبَيْنَ المُدْبِرِ العَاصي. يضرب لمن لا يكاشف بعداوة ولا يناصح بمودة. 521- بَيْنَهُمُ احْلِقِي وَقُومِي. يضرب للقوم بينهم شر وعداوة. وأصل المثل قول الراجز: أيَا ابْن نَخاسية أَتُومِ * يومُ أدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ أحْسَنُ من يَوم احْلِقِي وَقُومِي* وهما يومان أحدهما شر من الآخر، وبقة: اسمُ امرأة، والشريم: المُفْضَاة. 522- َبَرَد عَلَى ذَلِكَ الأَمْرِ جِلْدُهُ. أي استقر عليه واطمأن به، وبرد: معناه ثَبَت، يقال: بَرَدَ لي عليه حَقٌّ، أي ثبت، وسَمُوم بارد، أي ثابت دائم، وقال: اليَوْم يَوْمٌ باردٌ سَمُومُه * مَنْ جَزِعَ اليوم فَلاَ نَلُومُهُ 523- بَعْضُ الْجَدْبِ أَمْرَأُ للهَزِيلِ. يضرب لمن لا يحسن احتمالَ الغنى بل يَطْغَى فيه. 524- بِغَيْرِ اللَّهْوِ تَرْتَتِقُ الفُتُوقُ. يضرب في الحث على استعمال الجد في الأمور. 525- بِكُلِّ عُشْبٍ آثَارُ رَعْيٍ. أي حيث يكون المالُ يجتمع السؤال. 526- بِكُلِّ وَادٍ بَنُو سَعْدٍ. هذا مثل قولهم "بكل وادٍ أثر من ثعلبة" وقد مر ذكره. 527- بَلَغَ الغُلاَمُ الْحِنثَ. أي جرى عليه القَلَم، والِحْنثُ: الإثم، ويراد به ههنا المعصية والطاعة. 528- بَقِيَ مِنْ بَنِي فُلاَنٍ إثْفِيَّة خَشْناءُ. أي بقي منهم عدد كثير، والإثْفِية: مَثَلٌ لاجتماعهم، والخشناء: مثل لكثرتهم، ومنه "كتيبة خشناء" أي كثيرة السلاح. 529- بَعْضُ القَتْلِ إحْياءُ لِلْجَمِيع. يعنون القِصَاص، وهذا مثل قولهم "القَتْلُ أنْفى للقتل" وكقوله تعالى 530- البضاعَة تُيَسِّرُ الحاجَةَ. يضرب في بذل الرِّشْوة والهدية لتحصيل المراد. [ص 106] 531- بينهُمْ رِمِّيَّا ثُمَّ حِجِّيزَى. أي تَرَامَوْا بالحجارة أو بالنَّبْلِ ثم تحاجزوا: أي أمسكوا. 532- أَبْدَى اللّه شِوَارَهُ. هذه كلمة يقولها الشاتم والداعي على الإنسان . والشِوَّار: الفَرْج. 533- البَغْلُ نَغُلٌ وَهُوَ لذَلِكَ أَهْلٌ. يقال: نَغِلَ الأديمُ فهم نَغِل، إذا فَسَد، وإنما خفف للازدواج، ويقال: فلان نَغِل، إذا كان فاسدَ النسبِ. يضرب لمن لؤم أصله فخبث فعله. 534- البِطْنَةُ تَأفِنُ الفِطْنَةَ. يقال: أفِنَ الفصيلُ ما في ضَرْع أمه، إذا شرب ما فيه. يضرب لمن غَيَّر استغناؤه عقلَه وأفسده. 535- بِهِ الوَرَى وَحُمَّى خَيْبَرى. الوَرْىُ - بسكون الراء - أكلُ القَيْحِ الجوفَ، وبالتحريك الاسم، وقال: وَرَاهُنَّ ربِّي مثلَ ما قد وَرَيْنَنِي * وَأحْمى على أكبادِهِنَّ المَكَاوِيَا 536- بَعْضُ البِقاعِ أَيْمَنُ مِنْ بَعْضٍ. قاله أعرابي تعرض لمعاوية في طريق وسأله، فقال معاوية: مالك عندي شيء، فتركه ساعة ثم عاوده في مكان آخر، فقال: ألم تسألني آنفاً، قال: بلى، ولكن بعضُ البقاع أيْمَنُ من بعض، فأعجبه كلامه ووصَله. 537- بَعْدَ اطِّلاَعٍ إينَاسٌ. قاله قَيْس بن زُهَير حين قال له حذيفة ابن بدر يوم داحِسٍ: سبقتُكَ يا قيس، فقال قيس: بعد اطلاع إيناس، يعني بعد أن يظهر أتعرف الخبر، أي إنما يحصل اليقين بعد النظر، أنشد ابن الأعرابي: لبس بما ليس به بأسٌ باسُ * ولا يَضِيرُ البر ما قال الناسُ وإنه بعد اطِّلاَع اينَاسُ* ويورى "بعد طلوع" . 538- بُؤْساً لَهُ، وُتُوساً لَهُ، وَجُوساً لَهُ. كله بمعنى، فالبؤس الشدة، والتوس إتْبَاع له، والجوس الجوع. يقال عند الدعاء على الإنسان. وانتصَبَ كلها على إضمار الفعل: أي ألزَمَهُ الله هذه الأشياء. 539- بِئْسَ ما أَفْرَعْتَ بِهِ كَلاَمكَ. أي بئس ما ابتدأت به كلامك به، ومنه افْتِرَاع المرأة لأول ما نُكِحت، والفَرَع: أولد ولد تُنْتَجُه الناقة. [ص 107] 540- بِمِثْلِي زابِنِي. أي دافعي، من الزَّبْن وهو الدَّفْع. قيل: مرَّ مُجَاشع بن مسعود السلمي بقريةٍ من قُرَى كَرْمَان، فسأل أهلُها القوم: أين أميركم ؟ فأشاروا إليه، فلما رأوه ضحكوا منه - وكان دميما - وازدرَوْه، فلعنهم وقال: إن أهلي لم يريدوني ليُحَاسِنوا بي، وإنما أرادوني ليُزَابنوا بي، أي ليدافعوا بي، أنشد ابن الأعرابي: بِمثْلِي زَابِنِي حلما وجُودا * إذا التَقَتِ المجامِعُ والخُطُوبُ بعيد حُوَّلِيٌّ قُلَّبِيٌّ * عظيمُ القَدْر مِتْلاف كَسُوبُ فإن أهْلِكْ فقد أبلَيْتُ عُذْرا * وإن أمْلِكْ فمن عَضْبي قضيب أي أن فرعي من أصلي، يريد أنه من أصل كريم. 541- البَطْنُ شَرُّ وعاءٍ صِفْراً، وَشَر وِعاءٍ مَلآنَ. يعني إن أخْلَيته جُعت وإن مَلأَته آذاك يضرب للرجل الشرير إن أحسنت إليه آذاك، وإن أسأت إليه عاداك. 542- ابْنُكَ ابْنُ أَيْرِكَ، لَيْسَ ابْنَ غَيْرِكَ. هذا مثل قولهم "ابنُكَ ابن بُوحك" ومثل "ولَدُك من دمى عقيبك".
|